كبير في السن ويصب القهوة لنا الشباب لم اتعودها في محيطي
وقمت وألحّيت عليه كي أصبها..
..
لكنه حلف وأجبرني على الجلوس..قلت له ممتعضا وين فهد ليه ما يجي يقابل الرجال ويساعد أبوه..لم أكن أعرف عن فهد إلا أنه ابنه البكر ولهذا تمت تسميته أبو فهد..كنت منتقل حديثا للإدارة ولم أعرف أسرار الزملاء ولا أي أمر خاص لهمكانوا بالنسبة لي صناديق مغلقه..لا أعرف عن حياتهم الخاصة أي شيء..عندما سألت عن فهد..صمت المجلس عن بكرة أبيه.. وتغيرت ملامح أبو فهد
اختفت الابتسامة..ولجمت الألسن..علمت أني جبت العيد..وصمت...لاح بوجهه بعد أن وضع الدلة على الطاولةوخرج من المجلس وتبعه أطفاله الثلاثة التفت على زميلي اللي يجلس إلى جواري..وقلت وش فيه..؟؟قال: فهد ميت.. وأنت جبت العيد..قلت متى؟؟..قال من 10 سنوات..ياااااااه عشر سنوات وما زال يذكره....[ يا لرقتك يا ابا فهد ]..
عاد ابو فهد
بعد أن أفرغ ما به وأثار البكاء باديه على وجهه..
تعشينا.. واصريت أن أبقى حتى رحيل آخر الضيوف وأقدم له العذر
..
بالفعل عندما رحل آخر الزملاء اقتربت منه
وقلت: أنا آسف لم أعلم ان فهد ميت..
هذا قدره..
وهو طريق سيمشيه الجميع..
التفت علي وقال.. حصل خير..
لا تعتذر فذكراه لا تغيب
..
قلت: ولكن يا أبو فهد عشر سنوات.. وانت تبكيه..
أين الإيمان بالقدر..
قال.. أنا مؤمن بالقدر
..
حزني . .. لم يكن للوفاه !!!
فقد فقدت معه طفلة أخرى في حادث وقع لنا ونحن عائدون للرياض قادمين من أبها في إحدى الإجازة الصيفية ولم ابكها كما بكيته
مات وهو يبكي..
مات بعد أن اغضبته..
مات بعد أن ضربته..
لم يسعفني القدر لضمه..
لم يسعفني القدر لتطييب خاطره..
لم يسعفني القدر لمسح دموعه..
كان أبو فهد قادما من أبها بصحبة عائلته..
كان فهد عمره عشر سنوات
..
وكان في المقعد الخلفي لاهيا ومسببا ازعاجا لوالده
..
لم يحتمل أبو فهد الأمر.. ونزل العقال وضربه ضربا مبرحا
..
بكى فهد.. وتألم والده
..
تألم ومع ذلك قال في نفسه..
سأراضيه في الرياض !!
..
وقع الحادث وفهد يجهش بالبكاء..
مات فهد وطفلة رضيعة
..
وأصيبت بقية العائلة وتم نقلهم للرياض على طائرة إخلاء طبي..
يقول أبو فهد..
ليته يعود لو لساعة
..
مات والحسرة في صدري...
فقط ارغب في ضمه ومسح دموعة
..
أنا مؤمن بالقضاء والقدر..
ولكن ما زالت الحسرة في قلبي
..
مات وهو غاضب..
مات وهو باكٍ
..
مات دون أن اضمه على صدري وأطيب خاطره..
ليت الليالي تعود..
نقسو على من نحب..
ونردد الأيام كفيله بإرضائهم
..
ولا نعلم أن الموت ربما يكون له رأي آخر
..
قريب لي ماتت والدته وهي غاضبه عليه
..
ماتت وهو يسوف ويقول غدا أطيب خاطرها..
ماتت قبل غدا !!
وبقيت الحسرة في صدره منذ موتها
ولن تتركه الحسرة إلاّ برحيله
زوج خرج من بيته
وقد أغضبته زوجته . .
وكانت ( قبلة الصباح ) كفيلة بأن تذيب جليد هذا الغضب . . !
كرامتها أبت عليها ( قبلة الصّباح ) !
وقالت . . أخبئها له حين يعود !!
لكنه .. خرج ولم يعد !!
زوجة . .
تركها زوجها بين جدران بيتها تموت كمداً وظلماً . .
خرج . . وعناده يؤزّه إلاّ يطيّب خاطرها هو عند عتبة الباب . .
كان يخبّئ لها ( وردة مخمليّة ) وهو عائد إليها . .
لكنه . .
دخل فوجدها مسجاة على فراش الموت !!
إبن عاق . .
يجرّ باب البيت بقوة ومن خلفه أم تبكي أو اب يندب حسرة . . !
لهاثه وراءة رغباته الصحبة والرفقة . .
جعله يؤجّل إن ينطرح عند دقميهما يقبّلهما إرضاءً واعتذاراً . .
أغلق الباب وهو يحدّث نفسه ..
حينما أعود . . أرضيهما !
لم يعد .. إلاّ بصوت هاتف يهاتفه ( عظم الله أجرك ) فيهما !!
لي . . ولك . . ولكل إنسان
يحمل بين جنبيه قلب ( إنسان ) !
تذكر دائماً . . .
لا تُغضب غالياً . . ثم تؤجّل إرضاءه إلى غد !!