صبية مديرة المنتدى
عدد المساهمات : 111 تاريخ التسجيل : 28/10/2010 العمر : 30
| موضوع: انا لم اتغير الحياة تغيرت الخميس نوفمبر 11, 2010 12:52 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ****
[size=16][b][b]أنا ماتغيرت .. الحياة تغيرت [/b][/b]هناك ناقدة أمريكية كانت تحب فيلم : ذهب مع الريح.. وشاهدته عشرات المرات.فجأة شاهدته عندما تقدمت في العمر.. أثار دهشتها أنها لم تنفعل وبدا لها سخيفًا مفتعلاً، وكتبت تقول :الفيلم تغير !.. لم يعد نفس الفيلم الذي كنت أشاهده قديمًاهذا هو السؤال الأبدي الذي يطاردك عندما تكون في سني:هل الحياة قد ساءت حقًا أم إنني لم أعد كما كنت ؟*******في صباي كنت أسمع أبي لا يكف عن استعادة ذكريات صباه.. كانت الدجاجة بحجم الخروف والخروفبحجم ديناصور ترايسيراتوبس، وكانت للأزهار رائحة حقيقية.. زهرة واحدة كانت تغمر بالشذى حياً كاملاًمن أحياء دمنهور -حيث ولد- دعك من الفراولة والتفاح.. كان يمكنك أن تعرف أن هناك من ابتاعنصف كيلو تفاح أو فراولة في دمنهور كلها؛ لأن الرائحة تتسرب لكل شيء..كانت الأغاني أعذب والفتيات أجمل والأفلام أمتع والبشر أنقىكنت أستمع -أو أسمع- لهذا الكلام في تأدب، وإن كنت أنقل قدمي مائة مرة في ملل أخفيه.وقد بدا لي خيطاً لا ينتهي من كلام الشيوخ المعتاد:هي الفراخ بتاعتكم دي فراخ ؟.. دي عصافير.. كنا بنشتري عربية وفيلا ودستة بيض بنص ريال…. إلخحدثني أبي عن أفلام عصره وعن إيرول فلين المذهل وجيمس كاجني العبقري و… و… على الأقل صاربوسعي اليوم أن أرى هذه الأفلام كدليل لا يُدحَض، فلا أرى فيها أي شيء خارق..التخشب الهوليودي المعتاد والكثير من الافتعالنقّبت عن نقاء الناس في ذلك العصر، فقرأت عن ريا وسكينة النقيتين، والبواب النقي الذي اغتصب طفلةفي الثالثة من عمرها عام 1933، والفنانة النقية التي ضبطت زوجها النقي مع الخادمة النقية في المطبخ ليلة الدخلة!وماذا عن الفنان النقي: فلان.. الذي اقتحم مكتب الناقد الذي لم يرُقْ له فيلمه الأخير شاهرًا مسدسه ؟كان هناك حي دعارة شهير جدًا في طنطا اسمه: الخبيزة.. واليوم صار سوقًا شعبيًا محترمًا.. فأين هذا النقاء إذن ؟ لكن أبي -رحمه الله- عاش ومات وهو مؤمن بأن الحياة قد صارت سيئة، كأنها صورة صنعت منها نسخة تلو نسخة تلو نسخة حتى بهتت ولم تعد لها قيمة*******اليوم أنظر أنا بدوري إلى الوراء فيبدو لي أن الحياة كانت أفضل في صباي بكثير. قلت لابني إن الأغاني فيعصري كانت أعذب والفتيات أجمل والأفلام أمتع والبشر أنقى… أرغمته على مشاهدة بعض أفلامالسبعينيات على غرار الأب الروحي وقصة حب.. فشاهدها وقال لي بصراحة إنها زي الزفت.أغاني البيتلز والآبا والبي جيز (خنيقة) جداً في رأيه.. ولم يحب أية أغنية من أغاني وردة الجزائرية الحارقةفي أوائل السبعينيات مثل: حكايتي مع الزمان واسمعوني.. طبعًا لم أحاول أن أسمِعه أم كلثوم فأنا لست مجنونًا..لن يفهمها ولو بعد مائة عامقلت له في غيظ إنه بعد عشرين سنة -أعطاه الله العمر- سوف يُسمع ابنه أغاني شاجي وإنريكي إجلسياسوفيرجي ويعرض عليه أفلام: الرجال إكس والفارس الأسود..لكن الوغد الصغير سيؤكد له أنها زبالة، إلا أن ابني لم يصدق.. يعتقد أن الأخ شاجي خالد للأبدنعم كان لرمضان رائحة وحضور في الماضي.. كانت هناك رائحة مميزة للعيد..تصور أن عيد الثورة كانت له رائحة ؟ كان قدوم الربيع يعلن عن نفسه مع ألف هرمون وهرمون يتفتحفي مسامك، فتواجه مشكلة لعينة في التركيز في دروسك والامتحانات على الأبواب، بينما الحياة ذاتهاقد تحولت إلى فتاة رائعة الحسن تنتظركأذكر يوم شم النسيم وأنا في الصف الثالث الإعدادي، أمشي في شوارع طنطا التي مازالت خالية في ساعةمبكرة، مزهواً بنفسي أوشك على أن أطير في الهواء، وأتمنى لو عببت الكون كله في رئتي..بينما المحلات تذيع أغنية حفل الربيع التي غناها عبد الحليم حافظ أمس: قارئة الفنجان..تصور أن الأغنية مازالت طازجة ساخنة خرجت من حنجرة الرجل منذ ساعات لا أكثر.للمرة الأولى أسمع: بحياتِكَ يا ولدي امرأة.. عيناها سُبحانَ المعبود*******أنا شاب.. لقد كبرت.. لن تتغير هذه الحقيقة.. الغد أفضل بمراحل.. الكون كله ينتظرني..سوف أصير أمين عام الأمم المتحدة وأتزوج راكيل ويلش وأفوز بجائزة نوبل في الأدب، وفي وقت فراغيسأمارس هوايتي في إجراء جراحات الجهاز العصبي.. هذا قد يضمن لي جائزة نوبل أخرى.. من يدري ؟قد أصير أول رائد فضاء عربي.. بالمرة، ولسوف أصير وسيماً أشقر الشعر أزرق العينين..لا أدري كيف.. يجب أن تكون في الخامسة عشرة لتفهمنعم.. لم يعد شيء في العالم كما كان.. أبتاع الفراولة وألصق ثمارها بأنفي وأشم بعنف.. لا شيء..لو حشرت ثمرة منها في رئتي فلن أجد لها رائحة. ماذا عن التفاح الذي لا تقتنع بأنه ليس من البلاستيكإلا عندما تقضم منه قطعة؟ عندها تحتاج لفترة أخرى كي تقتنع أنك لم تقضم قطعة من الباذنجان..أين ذهب جمال الفتيات ؟ ولماذا لم أعد أرى إلا المساحيق الكثيفة، حتى تشعر أن كل فتاة رسمت علىوجهها وجهًا آخر يروق لها ؟ أين ذهبت العواطف الحارقة القديمة عندما كنت تكتب عشرات القصائدمن أجل ابتسامة حبيبتك؟ اليوم لو تزوجتها وأنجبت منها عشرين طفلاً فلن تجد في هذا ما يأتي بالإلهام!الإجابة التي تروق للمسنّين هي: الحياة تغيرت ولم تعد هناك بركة.. لكن الإجابة الأقرب للمنطق هي:الحياة لم تتغير.. أنت تغيرت*******ربما صار شمي أضعف.. ربما صار بصري أوهن.. ربما صار قلبي أغلظ.. ربما تدهورت هرموناتي..ربما صرت كهلاً ضيق الخلق عاجزًا عن أن يجد الجمال في شيء.. ربما مازالت الفتيات جميلاتوالفراولة عطرة الرائحة وأغاني هذا الجيل جميلةنعم هو المنطق ومن النضج أن أعترف بهذا.. لكن من قال لك إنني أريد أن أكون كذلك؟ أفضّل أنأظل شاباً على أن أكون ناضجاً، لهذا أقول لك بكل صراحة : الحياة صارت سيئة ولا تطاق فعلاً..الله يكون في عونكم.. هيّ أيامكم دي أيام ؟*******لكم تحيتي ..
دنــــــــــــ jeddah ـــــــــــــو ...
[/size] | |
|